مندوب دولة فلسطين: الاحتلال يسابق الزمن لتغيير معالم الحرم الإبراهيمي
جدة 22-7-2025 وفا- حذّر الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، حسين إبراهيم طه، من خطورة مخططات الاحتلال الإسرائيلي لفرض السيطرة على الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل، وأكد أن الأزمة الإنسانية في قطاع غزة تشكّل جريمة حرب ووصمة عار في جبين الإنسانية.
جاء ذلك في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع الطارئ مفتوح العضوية للجنة التنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي على مستوى المندوبين الدائمين بشأن العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني واستهداف الأماكن المقدسة في الأرض الفلسطينية المحتلة وخصوصا الحرم الإبراهيمي في الخليل، الذي انعقد بمقر الأمانة العامة للمنظمة اليوم الثلاثاء، في مدينة جدة بالسعودية.
وقال الأمين العام، إن هذا الاجتماع يأتي لمناقشة اعتداء إسرائيلي جديد على الهوية الإسلامية للمدن الفلسطينية يتمثل في سحب الصلاحيات الإدارية والتاريخية على الحرم الإبراهيمي الشريف من الجانب الفلسطيني، وهو اعتداء يمثل حلقة من حلقات العدوان الإسرائيلي على الحرم الإبراهيمي منذ احتلال المدينة في 8 يونيو 1967.
وأكد أن المنظمة ترفض وتحذّر من خطورة مخططات الاحتلال الإسرائيلي الرامية لفرض السيطرة الكاملة على الحرم الإبراهيمي في الخليل وتهويده وتغيير هويته ومعالمه التاريخية، وتدين الاعتداءات السافرة على المسجد الأقصى المبارك، وقصف الكنائس والمساجد في مدينة غزة، في انتهاك صارخ للقيم الإنسانية والمواثيق الدولية، لافتا إلى أن جميع هذه الإجراءات الرامية لتهويد مدينة القدس وعزلها عن محيطها الفلسطيني غير شرعية، وباطلة بموجب القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
كما شدّد الأمين العام، في كلمته أمام المندوبين الدائمين للدول الأعضاء، على أن استمرار هذه الأزمة الإنسانية غير المسبوقة تشكّل جريمة حرب ووصمة عار في جبين الإنسانية جمعاء وانتهاك لمبادئ العدالة والكرامة الإنسانية، داعيا إلى ضرورة مضاعفة الجهود الدولية للضغط على الاحتلال الإسرائيلي لتحقيق الوقف الشامل والدائم لإطلاق النار، وفتح جميع المعابر، وإدخال المساعدات الإنسانية والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، وتمكين الحكومة الفلسطينية من تولي مسؤولياتها في قطاع غزة، والبدء في عملية إعادة الإعمار.
وفي كلمته، قال مندوب دولة فلسطين لدى منظمة التعاون الإسلامي، السفير هادي شبلي إن هذا الاجتماع ينعقد في ظل التحديات الخطيرة التي يفرضها استمرار العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني واستهداف الأماكن المقدسة في الأرض الفلسطينية المحتلة وعلى وجه الخصوص الحرم الإبراهيمي في الخليل.
وقال شبلي، إن شعبنا في قطاع غزة يعيش منذ أكثر من 650 يوميا جريمة الابادة الجماعية، أودت بحياة أكثر من 250 ألف شهيد وجريح ومفقود تحت الأنقاض، غالبيتهم من النساء والأطفال، حيث تحولت المستشفيات والمدارس والكنائس والمساجد والمساكن إلى ركام، فيما يكابد أكثر من مليوني مواطن معاناة النزوح القسري عن منازلهم المدمرة في قطاع غزة، الذي يحاول الاحتلال الإسرائيلي تحويله الى منطقة غير قابلة للحياة.
وأضاف: "ما تشهده الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس المحتلة لا يقل خطورة عن جريمة الإبادة الجارية في قطاع غزة، إذ يتعرض شعبنا الفلسطيني لحرب إسرائيلية ممنهجة تستهدف وجوده وأرضه ومقدساته وهُويته الوطنية وتراثه الثقافي وحقوقه المشروعة. فقد أمعنت إسرائيل، قوة الاحتلال، في عدوانها على أرضنا وشعبنا ومقدساتنا من خلال جرائم القتل والإرهاب المنظم، وسياسات الضم والاستيطان الاستعماري، والتهجير القسري، وهدم المنازل، واقتحام المخيمات وتدمير بنيتها التحتية، في جرائم حرب متواصلة تستدعي التحقيق والمساءلة".
وفي مدينة الخليل، أشار شبلي إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يسابق الزمن لتغيير معالم الحرم الإبراهيمي وهويته التاريخية ومكانته الدينية. فقد بات تقسيمه ومنع الآذان فيه وإغلاقه المتكرر واقعا وتحديا ماثلا أمامنا جميعا. فيما يعلن الاحتلال مؤخرا عن مخططاته في فرض السيطرة الكاملة عليه، من خلال التهديد بنقل سلطة إدارته والإشراف عليه من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية وبلدية الخليل إلى ما يسمى "المجلس الديني اليهودي في مستوطنة كريات أربع" بشكل غير قانوني.
ولفت إلى أن الاحتلال استهدف ودمر في قطاع غزة مئات المساجد وحولها إلى ركام، فيما استهدف ودمّر عدة كنائس بما فيها كنيسة القديس برفيريوس الأثرية للروم الأرثوذكس التي تعد ثالث أقدم كنيسة في العالم مع مَن لجأ إليها، وكنيسة العائلة المقدسة التابعة للبطريركية اللاتينية في الأسبوع الماضي.
وتابع: اما في مدينة القدس المحتلة، يستهدف الاحتلال الإسرائيلي أماكن العبادة الإسلامية والمسيحية وخصوصا المسجد الأقصى المبارك من خلال اقتحامات يومية من قبل مجموعات المستوطنين المتطرفين بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، وتقييد حرية الوصول إليه، مع تصاعد محاولات الاحتلال الإسرائيلي تغيير وضعه الجغرافي والديمغرافي في انتهاك صارخ لكل قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
كما حذّر السفير شبلي، من أن تنفيذ مخطط E1 ما هو الا تصعيد استيطاني خطير يقطع أوصال الضفة الغربية ويعزّل القدس المحتلة وسيؤدي إلى القضاء على ما تبقى من النسيج الحضري الفلسطيني بين رام الله والقدس وبيت لحم، وسيهدد وجود ما يقارب مليون فلسطيني.
ودعا الدول الأعضاء في المنظمة، للضغط من خلال المجتمع الدولي على إسرائيل، قوة الاحتلال، لوقف سياسة قرصنة واحتجاز أموال الضرائب الفلسطينية بشكل غير قانوني ومخالف للاتفاقيات الموقعة، مما يشكّل أحد أشكال الإبادة الاقتصادية الهادفة إلى حرمان شعبنا الفلسطيني المتعمد من الظروف الاقتصادية الضرورية للبقاء، ومحاولة تقويض وجوده وصموده في أرضه، وتجويعه ومفاقمة معاناته الإنسانية والخنق البطيء لاقتصاده، من خلال تقويض قدرة الحكومة الفلسطينية على الوفاء بالتزاماتها وتوفير الخدمات الأساسية.
وأعرب عن أمله، أن تضاعف الدول الأعضاء في المنظمة جهودها ومساهماتها المالية لدعم موازنة الحكومة الفلسطينية قصد تمكينها من مواصلة مهامها لدعم صمود شعبنا على أرضه، وذلك من خلال تفعيل شبكة الأمان المالية الإسلامية التي تم إقرارها في القمم والمجالس الوزارية المتعاقبة، وفق آليات يتفق عليها.
ودعا الأمانة العامة، لتقديم تصور للدول الأعضاء، في أسرع وقت ممكن، حول آلية تنفيذ القرار بتفعيل شبكة الأمانة المالية الإسلامية، في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها شعبنا الفلسطيني.
كما حذّر السفير شبلي، من التداعيات الخطيرة لجريمة الحصار الإسرائيلي ومنع دخول المساعدات في تعميق المعاناة الإنسانية بشكل غير مسبوق في قطاع غزة، حيث أصبحت المجاعة واقعاً مرعباً، بعد أن وصلت وفقا لتقارير دولية الى المستوى الخامس، ويعاني المواطنون من سوء التغذية الحاد وارتفاع في معدل الوفيات الناجمة عن الجوع والمرض، إذ استشهد أكثر من 900 فلسطيني من بينهم 71 طفلاً بسبب الجوع وسوء التغذية. في ظل غياب أدنى تحرك وصمت دولي مخز ومعيب للإنسانية، وكأن من يفقدون أرواحهم ليسوا بشراً، بل مجرد أرقام، فيما يبقى جميع أبناء شعبنا في القطاع مهددين بالموت في كل لحظة نتيجة هذا الوضع الكارثي.
كما دعا إلى مضاعفة الجهود القانونية وتفعيل آليات العدالة الجنائية الدولية لضمان إنهاء حالة إفلات إسرائيل من العقاب، مجددا التأكيد على التزامنا بالعمل من أجل تحقيق السلام القائم على مبادرة السلام العربية وفقا للتسلسل الزمني والطبيعي الذي أقرته القمم الإسلامية المتعاقبة، باعتبارها خيارا استراتيجيا قادرا على إنهاء الاحتلال والاستيطان الاستعماري الإسرائيلي وتمكين شعبنا الفلسطيني من استعادة حقوقه المشروعة، وتحقيق الاستقرار والسلام العادل والدائم والشامل الذي ننشده وندعمه جميعا.
وأكد، أهمية عقد المؤتمر الدولي للسلام في نيويورك نهاية هذا الشهر من أجل الخروج بخطة سلام تنهي الاحتلال عن أرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على حدود العام 1967، بضمانات دولية وفترة زمنية محددة، إلى جانب خطة إدارة قطاع غزة من خلال تولي دولة فلسطين مسؤولياتها كاملة بدعم عربي ودولي والانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع، والذهاب إلى تنفيذ خطة إعادة الإعمار.
وأكد، أن أي مواقف أو مسارات سياسية تخرج عن المرجعيات المعتمدة دوليا من شأنها أن تساهم في ترسيخ وإطالة أمد الاحتلال الإسرائيلي وتشجيعه على مواصلة رفض حل الدولتين والتنكر لحقوقنا المشروعة، بما في ذلك الحق في تقرير المصير.
وشكر شبلي، جميع الدول الأعضاء على مواقفهم الأصيلة وجهودهم الحثيثة في دعم شعبنا الفلسطيني وحقوقه المشروعة، في هذه الظروف الصعبة والمصيرية، متطلعا إلى مزيد من العمل الإسلامي المشترك بهدف تحقيق وقف دائم وشامل لإطلاق النار والضغط على الاحتلال الإسرائيلي للسماح بدخول المساعدات الإنسانية، والانسحاب الكامل للاحتلال الإسرائيلي، وتمكين حكومة دولة فلسطين من تولي مسؤولياتها المدنية والأمنية في قطاع غزة، وعقد مؤتمر دولي لتمويل وتنفيذ خطة إعادة الإعمار.
ــــ
ع.ف