رام الله 23-6-2025 وفا- رصدت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا"، التحريض والعنصرية في وسائل الإعلام الإسرائيلية، في الفترة ما بين 15-6 و21-6-2025.
وتقدم "وفا"، في تقريرها رقم (417) رصدا وتوثيقا للخطاب التحريضي والعنصري في الإعلام الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.
وأبرز تلك المقالات التحريضية، مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" للصحفي ميخائيل ملشطين، حول الحرب على إيران بعنوان: "لماذا تنجح إسرائيل في إيران ولبنان وتفشل في غزة؟"
وجاء في المقال: "التعقيد الذي تُظهره إسرائيل في المواجهات مع إيران وحزب الله – بما يشمل ترسيخ موطئ قدم سياسي يكمل الإنجاز العسكري – هو نهج يجب تبنّيه أيضا في قطاع غزة. الحملة في القطاع تكشف عن درس حيوي إضافي: ضرورة تجنّب الأوهام التي لا تكتفي بتعقيد الوضع، بل تشتّت التركيز عن أهداف الحرب الجوهرية، مثل الانشغال المتزايد بإسقاط النظام الإسلامي، في حين يجب أن تبقى الأنظار مركّزة على المشروع النووي".
الكاتب يصوّر الفلسطينيين في غزة كعقبة أمنية لا كطرف سياسي، ويُحمّلهم مسؤولية فشل إسرائيل في تحقيق "نصر حاسم". مستخدما لغة تحريضية، تدعو ضمنيا إلى السيطرة الكاملة على القطاع أو حتى تفريغه من سكانه.
تجاهل الكاتب تمامًا حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، مختزلا القضية في مشروع لـ"إعادة التأهيل" وكأنهم مشكلة يجب إصلاحها، معيدا إنتاج سردية استعمارية تبرّر استمرار الحرب والهيمنة بدل السعي إلى حل سياسي عادل.
وفي مقال آخر بعنوان "دعونا نوضح ما هو بديهي: وزير الأمن لا يوفر أي أمن"، نشر على صحيفة "يديعوت أحرنوت" سخر الكاتب من أداء وزير الأمن الإسرائيلي، إلا أنه في الوقت ذاته شرعن استهداف المدنيين الفلسطينيين في غزة، عبر الإيحاء بأنهم أدوات، في تبرير غير مباشر لاستمرار القصف والدمار.
وسلط الكاتب الضوء على البنية الداخلية المتآكلة للسياسة الإسرائيلية، من خلال تتبع التعيينات غير المهنية، والخطاب الشعبوي، وانفصال القيادة عن الواقع الأمني والاجتماعي. ويكشف كيف تُدار الدولة في زمن حرب استنزاف، ليس وفق اعتبارات أمنية أو استراتيجية، بل وفق صفقات سياسية داخلية، وترضيات دينية، وشعارات إعلامية.
المقال يفكك صورة "إسرائيل الحاسمة"، ويعرض كيف أن القرارات المصيرية تُتخذ من منطلقات حزبية ضيقة، ما يجعل "أمن الدولة" ومواطنيها مجرد أداة في لعبة سلطة، ويُظهر كيف يتحول الأمن إلى أداء دعائي، وتُستخدم التهديدات كبديل عن سياسة مدروسة، في وقت الحاجة فيه إلى عقلانية ومسؤولية لا إلى استعراض.
وفي تقرير نشره موقع "الصوت اليهودي" للكاتب حاييم غيلادي، حول أزمة العمل في الضفة الغربية، اعتبر أن وقف تشغيل العمال الفلسطينيين "أداة ردع فعالة"، مهاجما منظمات إسرائيلية يسارية دافعت عن حقوقهم، في محاولة لشيطنة الوجود الفلسطيني وشرعنة العقوبات الجماعية المفروضة على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية.
وفي صحيفة "معاريف"، كتب بن كسبيت مقالا بعنوان "فرصة لإحلال سلام مؤقت"، تجاهل فيه بالكامل وجود الشعب الفلسطيني، واختزل الصراع في بعد داخلي إسرائيلي، داعيًا إلى هدنة سياسية داخلية لتمكين حكومة الاحتلال من حسم المواجهة عسكريا، في تهميش تام للعدوان المستمر على غزة.
تعكس المقالة تحوّلًا لافتًا في خطاب أحد أبرز منتقدي نتنياهو، حيث يعلو فيها صوت الإجماع الإسرائيلي حول الحرب على إيران، بما في ذلك دعم مباشر لقرار نتنياهو باعتباره "لحظة لا يمكن تفويتها". الغائب الأكبر عن السرد هو الفلسطينيون وغزة، الذين يُختزل وجودهم إلى خلفية صامتة لا تستحق الذكر الا بجملة عرضيّة، المقال يوضح أن "الوحدة الوطنية" في إسرائيل تُبنى على تجاهل الآخر وتحييد معاناته.
وفي مقال تحريضي على صحيفة "مكور ريشون"، احتفى الكاتب بالهجوم الإسرائيلي على إيران، حيث يعكس رؤية استعلائية تضع إسرائيل في موقع منقذ العالم من "قوى الظلام"، ويستند إلى سردية خلاصية تربط بين الهجوم على إيران والهولوكوست.
يكشف المقال العقلية السياسية والإعلامية التي تُبرر الحرب باعتبارها "مهمة أخلاقية" تتجاوز حدود الدولة.
وفي مقال آخر، قدم أنون سغل كتابا بعنوان "العلماء الغربيون لا يحرّمون ما هو مباح" نشره "اتحاد حاخامات الغرب"، يكشف أن بين حاخامات الجاليات المنحدرة من شمال إفريقيا تسجّل منذ سنوات عديدة مواقف داعمة لصعود جبل الهيكل، بل وحتى لإعادة تأسيس "السنهدرين".
تُعدّ هذه المادة تحريضية لأنها تروّج بوضوح لفكرة فرض السيادة اليهودية على الأقصى، وتدعو لتجاوز المواقف الحاخامية التحفّظية. النص يهاجم بشكل مباشر الحاخامات والمؤسسات الدينية التي تلتزم بالوضع القائم، ويشرعن الصعود الجماعي والمُنظم إلى الجبل تحت غطاء ديني.
التحريض في العالم الافتراضي
واصل وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير التحريض على الأسرى، وهددهم عبر منشور على صفحته على منصة "إكس": بـ"رد قاسٍ وفوري"، مطالبا بسياسة "صفر تسامح" مع من أسماهم "المخربين" في السجون.
وقال بن غفير: "مخرب الذي يعتقد انه بإمكانه أن يفرح في السجن في الوقت الذي يحارب فيه جنودنا- سيتلقى ردا قاسيا وفوريا".
وقال عضو كنيست عن حزب الليكود اريئيل كلنر عبر منصة "إكس": "الترويج لمشروع قانوني الذي يوسع الصلاحيات ضد هيئة بث اجنبية التي تمس بأمن الدولة- أمر ملح!، من يقوم بتصوير الصواريخ من أجل الجزيرة هو متعاون مع العدو".
وفي منشور آخر لبن غفير، حرّض ضد الإعلام الأجنبي، وهدد بإغلاق قنوات دولية بدعوى "المساس بأمن الدولة"، محذرا الصحفيين من نقل صور سقوط الصواريخ، وواصفًا الإعلام العربي بأنه "متعاون مع العدو".
وحرّضت النائبة من "الليكود" طالي غوطليب على النواب العرب، وهاجمت حقهم في التحدث باللغة العربية داخل الكنيست، في تعبير صريح عن عنصرية ممنهجة داخل المؤسسة التشريعية الإسرائيلية.
وأعاد سفير الاحتلال لدى الأمم المتحدة داني دانون التحريض ضد المؤسسات الدولية، وهاجم في منشورات متتالية تقارير الأمم المتحدة، واصفًا إياها بـ"الاغتيال السياسي"، ودافع عن جرائم الاحتلال بحق الأطفال والمدنيين.
أما وزير الإعلام شلومو كرعي، فنشر منشورًا هدد فيه الصحفيين الذين رصدوا سقوط الصواريخ، وزعم أنهم "يعملون لصالح الجزيرة"، وأشاد بتدخل الشرطة لوقف البث المباشر من الميدان، في تعدٍّ صارخ على حرية الصحافة.
ــــــ
م.ع