خان يونس 28-4-2025 وفا- طارق الأسطل
تفترش النازحة "سوزان شعت" الأرض لساعات منذ الصباح على شارع إسطبل الخيل في مواصي خان يونس جنوب قطاع غزة، في انتظار قدوم سيارة التكية، للحصول على بعض الطعام لإطعام أطفالها الذين يتضرعون جوعاً. وذلك في ظل استمرار إغلاق المعابر، والحصار المشدد على قطاع غزة منذ 2 آذار/مارس الماضي.
وقالت شعت (58 عاما) في حديث مع مراسل "وفا"، "كل يوم أحضر قبل وصول التكية لأحجز مكانا، من أجل الحصول على وجبة طعام لعائلتي، نظرا لتهافت الكثير من النازحين لتحصيل ما يستطيعون أخذه، مبينة أن الظروف الصعبة، وعدم وجود مقومات الحياة، هما من دفعاها إلى هذا الأمر".
وعزت حضورها هي للحصول على الطعام إلى مرض زوجها المزمن، وعدم قدرته على الوقوف في الطابور لساعات، ما يضاعف حجم المعاناة التي تعانيها النساء في إدارة أمور بيوتهن.
وأشارت شعت، إلى أنه قبل شهرين كانت هناك مساعدات تقدم للنازحين، وكانت أسعار المواد الغذائية في متناول الجميع، أما الآن فلا يوجد شيء بسبب توقف المساعدات الغذائية من جهة، وارتفاع الأسعار بشكل خيالي من جهة أخرى.
وتابعت: لا أمتلك المال لشراء الطحين، الذي أصبح سعر الكيلو الواحد 25 شيقلا، أي ما يعادل ثمانية دولارات، كما أن الخضراوات أسعارها مرتفعة، مبينة أن سعر كيلو الطماطم 25 شيقلا، والبصل 40 شيقلا، والخيار 20 شيقلا، ناهيك عن باقي أسعار المواد الغذائية.
وأردفت قائلة: الوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم، وإذا توقفت التكية عن إعداد الطعام فستحل علينا مجاعة، وسنموت جوعا، مؤكدة أن الوجبة التي تحصل عليها باتت المصدر الأساسي لإطعام أطفالها.
من جانبه، قال النازح نهاد عبد الواحد (48 عاما)، إن ارتفاع الأسعار غير المعقول، وعدم توفر الخضراوات ومستلزمات الطعام، دفعا الآلاف من النازحين إلى الوقوف على طابور التكيات لساعات طويلة، في انتظار الحصول على وجبة طعام بالكاد تسد جوع أطفالهم.
وأضاف عبد الواحد، أنه اعتاد الحصول على الطعام من التكية منذ أكثر من شهرين، بسبب عدم مقدرته على توفير الطعام لعائلته، مشيرا إلى أنه لم يحصل أمس على وجبة طعام كافية لعائلته، فاضطُر أن يستدين مبلغا من المال لشراء كيلوغرامين من الطحين لإعداد الخبز، مبينا أن حاله كحال العديد من النازحين الذين يواجهون المعاناة نفسها.
وأوضح، أن التكية هي الملاذ الباقي للنازحين في مواصي خان يونس في ظل استمرار إغلاق المعابر، وارتفاع الأسعار، مؤكدا أنه إذا توقفت التكية فإن الآلاف من سكان المواصي سيموتون جوعًا.
من جهته، قال النازح محمد انشاصي (44 عاما): "في ظل الظروف التي نعيشها، وإغلاق المعابر، وعدم تدفق المساعدات، لا يستطيع أحد أن يُعِدّ الطعام لعائلته، فالكثير من النازحين يضطرون إلى التوجه إلى التكية، لأنها توفر لهم العديد من المستلزمات كالحطب، والمواد الغذائية، والخضراوات، نظرا لارتفاع الأسعار بشكل جنوني".
وأضاف انشاصي، "أن التكية تساعد النازحين بشكل كبير ورئيسي في حياتهم اليومية، وهي سبب بقائهم على قيد الحياة"، مبينا أنه "في معظم الأحيان يعود إلى الخيمة بخفي حنين، دون الحصول على الطعام، لأنه قليل ولا يكفي الجميع".
وحاله لا يختلف عن حال المواطن سامر الأسطل (45 عاما)، الذي لا يستطيع هو الآخر توفير الطعام لأسرته، فيقول: لا شيء لدي لأطعم أطفالي، فلا أمتلك المال لشراء المواد الغذائية والخضراوات، ولا توجد مساعدات غذائية مقدمة لنا في ظل الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر، لذلك أحرص كل يوم على التوجه إلى التكية، على أمل الحصول على الطعام".
وبين الأسطل، وهو يعيل أسرة مكونة من سبعة أفراد، أنه إذا حضرت التكية يبدأ الصراع والتدافع بين النازحين، للحصول على بعض الاكل، قائلا: خلال خمس دقائق الي لحق لحق، والي ما لحق بات جوعان.
وأكد، أن أغلبية النازحين في مواصي خان يونس عايشين على التكية، واختتم بالقول "الله يكون إلهم معين، الناس ما في إشي عندهم، ربنا يستر من الأيام القادمة".
وكانت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي سيندي هينسلي ماكين قد أكدت إرسال آخر شحنة من الغذاء إلى قطاع غزة منذ نحو 7 أسابيع، وأنه لم يتبق لدى البرنامج أي مخزون يرسله إلى منكوبي القطاع.
وحذرت ماكين من الظروف الكارثية التي يعيشها سكان غزة، حيث يواجهون وضعا مأساويا ويتضورون جوعا، بسبب النقص الحاد في الإمدادات الغذائية، موضحة أن هناك مخاوف جدية من تفاقم الأزمة الإنسانية ووقوع مجاعة شاملة، نتيجة عجز البرنامج عن الوصول إلى القطاع وتقديم المساعدات الضرورية.
ــــــــ
/س.ك