غزة 20-4-2025 وفا- سامي أبو سالم
في قلب مدينة غزة يظهر للجميع ركام مكتبة دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني وقد أغلق أحد الشوارع الحيوية في المدينة بعد أن تعرضت المكتبة لقصف مباشر أدى لإبادتها بشكل كامل.
ودمرت وحرقت قوات الاحتلال المكتبات العامة في قطاع غزة التي بلغت زهاء 10 مكتبات على الأقل، إضافة لمكتبات الجامعات، ما أدى إلى تحويلها لأكوام من الركام أو مكان لجوء فيما تبقى منها.
وسعى الاحتلال من خلال تدمير التراث الثقافي في قطاع غزة منذ عدوانه الوحشي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إلى طمس الهوية الثقافية للشعب الفلسطيني من خلال إنكار تاريخهم، وانتهاك سيادتهم.
وطالت الصواريخ بعض المكتبات الأرشيفية أيضا، ما أدى لدمارها وحرق أبرزها، ومنها مكتبة الجامع العمري الكبير التي تحوي على مئات المخطوطات والصحائف منها منذ القرن الرابع عشر، وأرشيف بلدية غزة، ومكتبة دائرة العمل والتخطيط، "مركز التخطيط" التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وقال الباحث في دائرة العمل والتخطيط الدكتور محمد الحافي، إن العدوان الإسرائيلي استهدف المبنى الذي يضم مقر الدائرة في 2 آذار/ مارس 2024 ومن ضمنه مكتبة قيمة تحتوي قرابة 60 ألف عنوان بين كتب ودوريات ورسائل علمية ووثائق سياسية تؤرخ للصراع العربي الإسرائيلي.
وأضاف الحافي في حديثه لمراسل "وفا"، أن من أهم خسائر بالمكتبة هو الأرشيف وقسم الوثائق التي لا يمكن تعويضها كونها لم تكن متوفرة سوى بمكتبة الدائرة، وكذلك قسم الدراسات الاسرائيلية التي تشكل تقارير مهمة وبعض الدراسات باللغات الاجنبية.
وأشار إلى أن دائرة العمل والتخطيط التابعة لمنظمة التحرير كانت ملتقى للباحثين وطلاب الدراسات العليا في الجامعات الفلسطينية، ومكان لعقد الندوات والمحاضرات الثقافية
بدوره، قال الباحث سلمان الزريعي، لمراسل وفا، إنه فقد مصدرا مهما من مصادر المعلومات لا سيما أن المكتبات المدمرة تحوي على مصادر ومراجع لا توجد في مكان آخر.
ولفت إلى أن هناك مواد لا تعوض ولا تجدها في مكان آخر ولا على الشبكة العنكبوتية مثل الدوريات وأمهات كتب خاصة بالتاريخ الفلسطيني والثورة الفلسطينية في مكتبة "مركز التخطيط".
"مخطوطات ومراجع لا تعوض هذه خسارة للأجيال القادمة" قال الزريعي.
في مبنى "مكتبة البحرين العامة" في قلب مخيم جباليا، شمال قطاع غزة، تناثرت بقايا قصص أطفال وكتب وقطع من أجهزة كمبيوتر محترقة بعد أن تعرضت لقصف من قوات الاحتلال خلا هجومها على مخيم جباليا في أكتوبر 2023 ونوفمبر 2024.
وقال محمد حسان، أحد النازحين فيما تبقى من "مكتبة البحرين"، إنه لجأ إلى الجزء المحترق منها بعد تنظيفه. "الجزء الذي لم يدمر حرقوه، نظفنا ما استطعنا ونستخدمه كملجأ".
"كنت أنظم عروض فيديو كارتون للأطفال بجانب تدريبات على مهارات الكمبيوتر وجلسات صقل مهرات الكترونية للشباب، الآن أنا نازح" قال حسان.
فيما تبقى من الطابق الأول الذي اكتست جدرانه بالدخان الأسود نتيجة الحريق أشار حسان بيده نحو اليمين، وقال كانت هنا قاعة عرض الفيديو" ثم أشار يسارا وقال هنا الاستقبال.. أما دمر أو حرق."
وقال الطفل شعبان عفانة، (11 عاما) إنه كان من رواد المكتبة.
"كنت آتي لقراءة قصص واللعب على الكمبيوتر... الآن انا نازح في مدرسة الفاخورة".
وتقع المكتبة داخل أسوار مدرسة تتبع لوكالة غوث اللاجئين "الأونروا" تُعرف باسم مدرسة الفاخورة، التي تعرضت لأكثر من هجوم استهدفت فيه قوات الاحتلال النازحين فيها وقتلوا العشرات منهم.
أما مكتبة ديانا تماري صباغ، وهي جزء من مركز رشاد الشوا الثقافي، فقد دمرت عن بكرة أبيها في غارة جوية على المركز الذي دمر بكل مرافقه من مسرح ومطبعة.
كتب ووثائق محترقة وممزقة يصعب انتشالها من بين الركام بلغ عددها 20 ألف عنوان وفقا لدراسة أبو هاشم.
بعض النازحين تسللوا يجمعوا بعض الأوراق وبقايا الكتب لاستخدامها في ايقاد النار للطبخ بعد انقطاع الوقود بفعل الحصار الإسرائيلي على القطاع.
وقال الدكتور مجدي سالم إن خسارة مكتبة ديانا تماري صباغ تعتبر خسارة كبيرة لما احتوت عليه من كتب قيمة أدبية وفنية وسياسية.
ولفت سالم، المختص في شؤون الأسرى الفلسطينيين، والذي دمر بيته شمال غزة ويعيش الآن في خيمة ملاصقة للمركز، إلى أنه أيضا فقد مكتبته الخاصة التي كانت مختصة بشؤون الأسرى.
"أبيد أكثر من 12 ألف كتاب ومطبوعات وأطروحات ماجستير ودكتوراة ووثائق خاصة بالأسرى كلها أبيدت،" قال سالم.
كما دمر الاحتلال المكتبة العامة التابعة لبلدية غزة، وسط المدينة، وبات الطابق الأول منها وحديقتها الخارجية ملجأ لنازحين فقدوا بيوتهم.
أما الكتب فاحترق جزء منها وتمزق جزء آخر وتطاير جزء بين الأزقة وفوق أكوام الركام المحيطة، فيما يحاول موظفون من البلدية انقاذ ما استطاعوا.
ولم يسلم مركز القطان للطفل من نيران الاحتلال. فعلى أحد الجدران تقرأ كلاما مكتوبا باللغة العبرية فيما اخترق الرصاص، بعيارات مختلفة، وشظايا الصواريخ المركز.
وقال إبراهيم الشطلي، مدير المركز، إن المركز تعرض المركز لأضرار جراء إطلاق نار مباشر ونتيجة إطلاق قوات الاحتلال لقذائف واحزمة نارية على المدينة، اصابت اجزاء من المبنى.
وأشار إلى أن مكتبة المركز تحوي ما يفوق 100 ألف كتاب وأيضا قاعات أنشطة علمية وفنون بصرية وسمعية.
ــــ
/ م.ل