رام الله 19-5-2025 وفا- رصدت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا"، التحريض والعنصرية في وسائل الإعلام الإسرائيلية، في الفترة ما بين 11 و17-5-2025.
وتقدم "وفا"، في تقريرها رقم (412) رصدا وتوثيقا للخطاب التحريضي والعنصري في الإعلام الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، والذي شهد تركيزا كبيرا على التوسع الاستيطاني، وقرار "الكابينت" المتعلق بـ"فرض السيادة" على الضفة الغربية الذي "يسمح بتحويل أراضٍ في "يهودا والسامرة" إلى "أراضي دولة".
أبرز تلك المقالات التحريضية، مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، تناول عمليات ما يسمى "فرض السيادة" على الضفة الغربية.
تُظهر المادة كيف تنتقل إسرائيل من إدارة الاحتلال إلى تكريسه كـ"سيادة" دائمة دون إعلان رسمي، عبر أدوات تشريعية وإدارية تُغيّر الواقع على الأرض.
فما يُعرض كـ"إجراءات قانونية" هو في جوهره تفكيك ممنهج لأي إمكانية لقيام دولة فلسطينية، وتجريف سياسي لفكرة التسوية، فالقرارات التي يبحثها "الكابينت" لا تُناقش فقط مصير الأرض، بل تُعيد تعريف من له حق في المكان، ومن يُمنع حتى من المطالبة. في هذا السياق، يصبح فهم ما يحدث شرطًا لفهم تحوّل إسرائيل من قوة احتلال مؤقتة إلى كيان استعمار دائم.
ويأتي المقال بعد قرار "الكابينت" الذي يسمح بتحويل أراضٍ في "يهودا والسامرة" إلى "أراضي دولة"، حيث تستعد "لجنة الخارجية والأمن" في "الكنيست" لمناقشة اقتراح يمنح المستعمرين حق شراء أراضٍ حتى داخل بلدات فلسطينية، وينضم إلى سلسلة من مشاريع القوانين "الصغيرة"، التي قد تُحدث تغييرات بعيدة المدى في واقع الحياة في الضفة الغربية.
ونقلت عن الوزير المتطرف بتسلئيل سموتريتش إن "هذا القرار يقضي على خطر قيام دولة إرهاب فلسطينية".
ويُعتبر هذا تطوّرًا إضافيًا في سلسلة من الخطوات الدراماتيكية التي تشهدها "يهودا والسامرة" خلال العامين الأخيرين، بعد أن جرّد "الإدارة المدنية" من صلاحياتها تقريبًا، وأقام "إدارة التسوية"، ونقل صلاحية الموافقة على البناء في المستعمرات إلى لجان أسبوعية، ووسّع إقامة المزارع الاستيطانية، وأعلن مناطق جديدة "أراضي دولة"، يتقدّم سموتريتش الآن إلى المرحلة التالية: إلغاء مسوحات الأراضي التي أجراها الفلسطينيون في مناطق مختلفة من الضفة، والبدء بمسوحات جديدة تنفّذها طواقمه الخاصة.
وبحسب الباحث في "معهد أبحاث الأمن القومي" والمتخصص بالشأن الفلسطيني يوحنان تسورِف، فإن هذه الخطوات تُشكّل نوعًا من الضم غير الرسمي الذي تنفّذه إسرائيل على الأرض. ويضيف: "هذه مهمة حياة سموتريتش، الذي يسعى إلى فرض وقائع ميدانية تمنع بأي ثمن إمكانية التوصّل إلى تسوية سياسية تشمل دولتين، وتُلزم إسرائيل التنازل الإقليمي في هذه المناطق. إذا كانت مثل هذه الخطوات تُتّخذ في الماضي بحذر أكبر، فهي اليوم تُنفّذ كما لو كانت على منشطات".
أما الحاخام حاييم نبون فأعاد موضوع الاستيطان إلى الواجهة في مقاله بـ"مكور ريشون"، الذي قدم خطابًا سياسيًا صريحًا وتحريضيًا، يربط بين الاستيطان و"البقاء"، بين غياب المستوطنات ودخول "الجحيم"، ويحوّل الاستيطان إلى ضرورة عقائدية لا يمكن مناقشتها.
ويقدّم كاتب المقال نفسه رجل دين، حاخاما يحلل الواقع الإسرائيلي من منظور ديني وأخلاقي، لكنه يستخدم لغة "لاهوتية" في تثبيت مشروع استعماري باعتباره واجبًا مقدسًا، وغيابه كأنه خيانة تؤدي إلى مذابح.
يقول الكاتب إن "الاستيطان لم ينجُ من الضربات. اتفاق أوسلو خنقه، وخطة فك الارتباط سحقته. ورغم ذلك، ففي العامين الأخيرين، شهدت المستوطنات في يهودا والسامرة انتعاشًا لم نعهده من قبل.. والفضل يعود بشكل أساسي إلى "إدارة الاستيطان" التي أسسها سموتريتش، والتي انتزعت الصلاحيات من "الإدارة المدنية" التي طالما عُرفت بعدائيتها".
وأشار إلى مؤتمر الاستيطان الذي نظمته صحيفة "مكور ريشون"، والذي شهد تصريحات أبرزها "الاستيطان هو جدار الحماية لدولة إسرائيل"، مؤكدا أنه "لا بد من تكرار هذه الحقائق البسيطة والتأكيد عليها... نحن بحاجة إلى تذكير أنفسنا بالمعنى الإيجابي للاستيطان: ببناء أرض إسرائيل، وبحماية سكانها، وبتشكيل مجتمعات قوية وصحية".
وفي مقال عنوانه: "قرار دراماتيكي في الكابينت: جميع مناطق "ج" تحت المسؤولية الإسرائيلية"، تحاول حنان غرينوود في "يسرائيل هيوم"، إعادة "تعريف الأرض على أنها حكر للمشروع الاستيطاني، وتحوّل مؤسسات الدولة إلى ذراع تنفيذية لترسيخه وتعميقه، وتروج للاستيطان كحقيقة يجب تثبيتها وتوسيعها، فيما يُختزل الوجود الفلسطيني إلى خلل إداري يُفترض تصحيحه، وتتحدث عن "نزعٍ كامل للحق، وتكريس واقع استعماري باسم السيادة والقانون".
تقول الكاتبة: قرار "الكابينت يقلب المعادلة بالكامل، وينص على مبدأ جديد: "كل الأراضي مباحة– باستثناء ما يُمنع". أي أن كل قطعة أرض ما زالت بحاجة إلى عملية إجرائية لتُعلن كأرض دولة، لكن الفلسطينيين لن يتمكّنوا من البناء فيها أو الادعاء بأنها أراضيهم.
وبينت أن "تعليمات ستُصدرها القوات الإسرائيلية المحلية لتجديد عمليات تسوية الأملاك والأراضي في يهودا والسامرة، مع تحديث الأوامر الأمنية بما يتماشى مع ذلك، وتشكيل طاقم مشترك بين الوزارات لاستكمال الجوانب المهنية والقانونية والميزانية المطلوبة لتنفيذ الخطة خلال 60 يومًا".
ونقلت عن وزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس قوله: "نحن أمام قرار ثوري يحقّق العدالة للاستيطان اليهودي في يهودا والسامرة، وسيساهم في تعزيزه وترسيخه وتوسيعه. القرار يُسقط محاولات السيطرة التي تقودها السلطة الفلسطينية على الأراضي في المنطقة (ج)، وسيمكّن، بقيادة وزارة الأمن، من دفع عملية تنظيم الأملاك في يهودا والسامرة وتسجيلها".
وفي صحيفة "معاريف" شن يوسي أحيمئير هجوما على منظمة "صحفيون بلا حدود" بحجة أنها "تضلل" الحقائق.
وقال: "منظمة فرنسية تُدعى "صحفيون بلا حدود" تدّعي لنفسها مهمة إصدار ما تسميه "مؤشر حرية الصحافة" سنويًا. هذه المنظمة المتعجرفة تصنف حرية الصحافة في دول العالم، وتحدد من في الأعلى ومن في الأسفل، أي في أي دول حرية الصحافة مرتفعة، وفي أيها منخفضة، ومن صعد على سلم حرية الصحافة ومن تراجع خلال العام".
وتابع: "ليس من المستغرب أن إسرائيل لا تكون أبدًا في الموقع الذي تستحقه، بل إنها هبطت هذا العام من المرتبة 86 إلى المرتبة 112 من بين 180 دولة. ظاهريًا، يُفترض بنا أن نقلق من هذا التراجع، أو كما تقول صحيفة "هآرتس" بحماسة في تغطيتها لنتائج هذا التقرير: "حرية الصحافة في إسرائيل في أدنى مستوياتها على الإطلاق"".
ويهاجم الكاتب الصحفيين في غزة، بقوله: إن واحدة من ذرائع ذلك "التنظيم الفرنسي المعادي"، هو "قتل نحو 200 صحفي في غزة بنيران الجيش"، لكن "صحفيين" في غزة؟ هؤلاء ليسوا صحفيين بل دُعاة في خدمة الإرهاب، يضعون شارات "صحافة" على صدورهم معتقدين أن ذلك يمنحهم الحصانة. يا للخزي من منظمة تحمي من تسميهم "صحفيين" وهم في الحقيقة يسيئون إلى المهنة ويخدمون الإرهاب".
كما رصد التقرير في سياق التحريض على الاستيطان، مقالا في "مكور ريشون" يدعو ليس فقط إلى التشجيع على الاستيطان في غزة، بل إلى "التقدُّم في تطبيق خطة الهجرة التي اقترحها ترمب، الذي "سيشكّل اختراقًا تاريخيًا في تاريخ النزاع مع العرب. أهميته تفوق بكثير إقامة بعض التجمعات السكنية الإضافية في قطاع غزة، وتحظى هذه الرؤية بإجماع وطني ودعم دولي".
وجاء في المقال أن "خطة الهجرة الطوعية تُعد اختراقًا تاريخيًا. فهي لا تساهم فقط في حل مشكلة غزة، بل تشكّل أيضًا سابقة لحل القضية الفلسطينية برمّتها. تنفيذ "رؤية ترمب" سيُحدث تحوّلًا تاريخيًا في مسار النزاع مع العرب. أهميته تفوق بكثير إقامة بعض التجمعات السكنية في قطاع غزة، بل تفوق حتى إعادة تأهيل كامل غوش قطيف. كما أن الخطة تحظى بتوافق وطني ودعم دولي. إن فرض "السيادة الإسرائيلية" على هذه الرقعة من الأرض يُعد خطوة سياسية حيوية تُكمل الاحتلال العسكري. إنها ستكون إعلانًا واضحًا بأن الأراضي التي احتُلت في الحرب لن تُعاد أبدًا، وسترسم معايير الثمن الذي سيدفعه العرب".
وتابع: "إذا كان هناك من يلحّ على العمل في مجال الوعي، فمن الأفضل أن يعمل منذ الآن على ترسيخ وعي السيادة، وليس على وعي الاستيطان. فالاستيطان في كامل قطاع غزة سيأتي، إن لم يكن برغبتنا، فحينها رغمًا عنّا".
ــــــ
ي.ط