غزة 2-5-2025 وفا- ريم سويسي
اضطرت الكثير من العائلات في قطاع غزة إلى اللجوء للأحذية البالية لإشعال النار بدلا من الحطب الذي أصبح توفره صعبا وإن توفر فإن الغزي لا يمكنه شراؤه لسعره المرتفع.
انقطعت في قطاع غزة منذ الأشهر الأولى على بداية عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من تشرين أول/ أكتوبر 2023 عبوات غاز الطهي والمتوفر منها صار سعرها باهظ جدا، ونظرا لذلك اضطر المواطنون للحطب لطهي طعامهم، وبعد أن أصبح القطاع شبه فارغ منه تحتم عليهم البحث عن وسائل أخرى لطهي طعامهم.
يباع كل 5 كيلو من الأحذية البالية بنحو 10 شواقل، في حين يبلغ سعر كيلو الحطب بـ4 شواقل.
يقول المواطن شحتة أبو سمعان (35 عاماً) وهو يجلس أمام موقد للنار مستخدماً بقايا الأحذية لطهي الطعام على النار "لا أعمل منذ بداية الحرب ولدي عائلة مكونة من سبعة أفراد، أعيش على كوبونة من هنا وأخرى من هناك".
وحول استخدام النعال في إشعال النار لطهي الطعام يقول "لا أستطيع شراء الحطب أو الخشب، لذلك لم أجد ما أشعل به النار سوى ملابسنا الشخصية".
ويختم أبو سمعان حديثه بالقول "حين لم يعد لدينا ملابس للحرق قررت أن أشعل النار ببقايا الأحذية الخاصة بي وبعائلتي ولا أعلم ماذا سيحصل عندما لا أجد مزيداً من الأحذية للحرق".
تأتي هذه المعاناة على وقع الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطن في غزة لاسيما في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة التي فاقم منها إغلاق المعابر منذ شهرين والنتيجة كما يشير مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إلى أن 59 % من المنظمات الإنسانية في غزة أجبرت على وقف خدماتها أو الحد منها بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1400 بالمئة عما كانت عليه قبل وقف إطلاق النار ناهيك عن انعدام الغاز والطحين.
يشار إلى أن معدلات الفقر والبطالة ارتفعت إلى معدلات غير مسبوقة إذ وصلت البطالة 80 بالمية نهاية 2024 وفقاً لتقرير حديث للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
ولا يختلف حال المواطن محمد العمري (66 عاماً) كثيرا عن حال المواطن أبو سمعان فهو الآخر لا يجد ما يطهو به طعامه سوى الأحذية المستخدمة وقليل من الورق والنايلون.
يقول العمري: "أعاني أوضاعاً مالية صعبة فأنا لا أعمل نتيجة نشوب هذه الحرب لدرجة أنني أحيانا أخرج للتسول في الأسواق وما أحصل عليه من مال أقوم به بشراء قليل من الطعام وكثير من الأحذية والشباشب المهترئة والقديمة".
ويضيف "اعتدت على الحصول على الطعام من تكية قريبة من منزلي لكنها توقفت منذ أيام لعدم توفر المواد الأساسية لطهي الطعام وتقديمه للمواطنين منذ أسابيع بسبب إغلاق المعابر".
ويحتاج العمري خمسة أحذية يلفها ببعض الورق المقوى (الكرتون) يومياً لطهو طعامه الذي يتكون من العدس.
ويختم حديثه بالقول "هذا ما وصل بنا الحال في غزة أن نطهو طعامنا على بقايا النعال فليس هناك خيار آخر طالما الفقر هو سيد الموقف".
هذا وقد توقف 80% من تكيات الطعام المنتشرة في قطاع غزة وفقا لمصادر محلية في غزة نتيجة إغلاق المعابر وعدم توفر المواد الأساسية لطهو الطعام.
وكانت، قالت المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي لبنى كنزلي، إن الوضع الإنساني في قطاع غزة بلغ مرحلة حرجة للغاية، مؤكدة أن مخزون البرنامج من المساعدات الغذائية قد نفد بالكامل وسط استمرار إغلاق المعابر ومنع دخول الإمدادات الإنسانية.
وأشارت إلى أن نحو 700 ألف مواطن في غزة كانوا يحصلون يوميا على وجبات غذائية من البرنامج، إلا أن تعذر إدخال المساعدات أدى إلى توقف هذا الدعم، في وقت تتكدس فيه شاحنات محمّلة بالإمدادات عند المعابر بانتظار السماح لها بالدخول.
وحذرت من أن استمرار هذا الوضع ينذر بوقوع وفيات نتيجة سوء التغذية، مشيرةً إلى أن البرنامج تمكن خلال فترات التهدئة السابقة من إدخال ما بين 30 -40 ألف طن من المساعدات القطاع.
بينما وصفت رئيسة شؤون الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود كلير نيكوليه، الأوضاع في غزة بأنها كارثية على كافة المستويات نتيجة الحصار الإسرائيلي الذي يمنع دخول الإمدادات الإغاثية والطبية.
وأكدت، أن العالم يشاهد هذه الكارثة الإنسانية دون أن يتحرك لوقف ما وصفته بالوحشية العشوائية والمروعة، مضيفة أن الحظر الكامل المفروض منذ مطلع مارس آذار الماضي على دخول المساعدات إلى غزة يخلف عواقب مميتة ويقوض قدرة الطواقم الإنسانية والطبية على تقديم الاستجابة اللازمة.
وشددت نيكوليه على أن الاعتماد على المسارات القانونية، مثل إجراءات محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل كقوة احتلال، قد يستغرق وقتا لا يملكه الفلسطينيون، الذين يواجهون خطر الموت يوميا نتيجة الحصار، محذرة من تحول غزة إلى مقبرة جماعية.
وقالت إن إسرائيل تستخدم المساعدات كسلاح حرب ووسيلة للعقاب الجماعي، داعية دول العالم إلى ممارسة ضغط فعلي وفوري على السلطات الإسرائيلية لرفع الحصار والسماح بدخول المساعدات بشكل عاجل لتفادي المزيد من المعاناة والخسائر في الأرواح.
أما مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فيقول إن عدد الأطفال الذين يتلقون العلاج من سوء التغذية ارتفع بنسبة 80% مقارنة بمارس آذار الماضي.
وأشار إلى أنه تظهر الأرقام أن 92% من الرضع بين 6 أشهر وسنتين لا يحصلون مع أمهاتهم على الحد الأدنى من احتياجاتهم الغذائية الأساسية، ما يعرضهم لمخاطر صحية جسيمة ستلازمهم مدى حياتهم، كما لا يتمكن 65% من سكان القطاع من الحصول على مياه نظيفة للشرب أو الطبخ.
ـــ
/ إ.ر