القدس 29-4-2025 وفا- بلال غيث كسواني
يرى مقدسيون أن قيام الوزير المتطرف بحكومة الاحتلال إيتمار بن غفير بإغلاق صندوق وقفية القدس ومنعه من العمل داخل المدينة، هدفه زيادة الحصار عليهم، وإبقاء المقدسيين وحيدين في مواجهة الاحتلال والاستيطان وتهويد المدينة.
وأصدر بن غفير، أمس الاثنين، قرارا بإغلاق مكاتب "صندوق ووقفية القدس" في القدس الشرقية، في انتهاك صارخ لكل الأعراف والقوانين الدولية، وفي خطوة عدوانية جديدة تستهدف الوجود الفلسطيني في القدس المحتلة.
وأوضح رئيس جامعة القدس السابق، عضو مجلس أمناء وقفية القدس عماد أبو كشك، أن هذه الوقفية كانت أملا للمقدسيين في دعم المؤسسات، وتمكين الإنسان المقدسي، إضافة إلى ترميم البيوت.
وبين أن المؤسسة مستقلة وغير سياسية، وصاحب فكرتها رجل الأعمال الفلسطيني منيب المصري، إلى جانب عدد من رجال الأعمال الفلسطينيين في المهجر، منهم ميشيل الصايغ ومنير الكالوتي، وقد تطورت لاحقًا لتشمل رجال أعمال في العالم العربي، وتم تشكيل مجلس أمناء، كنا نعمل جاهدين للوقوف مع المقدسيين على مستوى الأفراد والمؤسسات، لمساندتهم في القضايا التي تحتاج إلى تمويل، وهذا القرار مجحف.
وأضاف أن المسؤولين عن الصندوق والممولين هم جهات تدفع من أموالها الخاصة، وبالتالي فإن ما جرى هو محاولة لإنهاء المجتمع المدني الفلسطيني في القدس، ضمن سياسة مبرمجة للضغط على المؤسسات المقدسية وعلى الإنسان المقدسي، خصوصًا أن المؤسسة تعمل في مجالي التمكين والإغاثة.
واعتبر ما قام به المتطرف بن غفير سياسة عامة لمحاصرة المؤسسات ودفعها للإغلاق، وهي سياسة ينتهجها اليمين الإسرائيلي المتطرف، ولا تنسجم مع الأعراف والقوانين الدولية.
وأكد أبو كشك أن الصندوق هو مؤسسة مدنية تساعد الناس، وهو موجود بما يتوافق مع مختلف القوانين والأعراف الدولية.
بدوره، قال عضو صندوق وقفية القدس مجدي الزغير، إن الوقفية مؤسسة مستقلة تخدم المجتمع المدني في مدينة القدس، وتعمل في عدة مجالات، منها دعم التعليم، وتمكين المرأة، وترميم المنازل في البلدة القديمة. وهي تقوم بخدمات إنسانية بحتة، وقرار إغلاقها قرار مجحف ومخالف للقوانين الدولية.
وأضاف أن صندوق ووقفية القدس تأسس عام 2014 كهيئة مستقلة غير ربحية، بناء على مبادرة أطلقتها مجموعة من المواطنين "بهدف تمكين وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني في القدس، والعمل على تحقيق التنمية في القطاعات المختلفة، بما يحافظ على الهوية الوطنية والصمود الفلسطيني في المدينة المقدسة"، وفق ما هو مدوّن على موقعها الإلكتروني.
من جهته، قال مستشار محافظ القدس معروف الرفاعي، إن التصعيد المستمر بحق المؤسسات في القدس يهدف إلى عزل المدينة عن بعدها العربي، والتفرد بها، وتسعى إسرائيل لطرد الفلسطينيين من القدس عبر تجفيف منابع كل المؤسسات التي تدعم صمودهم، ومن غير المفهوم سبب إغلاق مؤسسة مثل وقفية القدس، التي هي هيئة مستقلة وغير سياسية، وتقدم الدعم للمقدسيين.
وتابع: ان سياسة بن غفير العنصرية ضد مؤسساتنا ليست جديدة، وقد اقتحم الاحتلال بالأمس مكتب الوقفية، وسلمهم قرارًا بإغلاقها لستة أشهر، بذريعة كاذبة بأنها تعمل لصالح السلطة الوطنية الفلسطينية، وهذا غير صحيح، فهي تدعم الطلبة الفلسطينيين، والجمعيات الخيرية، وتعمل منذ 14 عامًا في المدينة.
وأشار إلى أن الاحتلال ينتهج سياسة ملاحقة الرموز السيادية في القدس، مثل المحافظ والوزير، حتى المكتبات لم تسلم من سياسة الإغلاق التي بدأت بإغلاق رمز منظمة التحرير في القدس، وهو بيت الشرق. وسيؤثر هذا القرار سلبًا على الطلبة المقدسيين، والجمعيات الخيرية النسائية، والمشاريع الصغيرة لربات البيوت، وأهالي الأسرى والشهداء الذين فقدوا المعيل الرئيسي. وعندما يُحرم المواطن المقدسي من دعم هذه المؤسسة، سيتأثر بشدة.
وأكد الرفاعي أن سياسة الاحتلال تهدف إلى تجفيف المؤسسات الداعمة للمقدسيين، وصولًا إلى تهجيرهم من مدينتهم، في إطار مشروع "القدس الكبرى 2050"، الذي يستهدف أن يبلغ عدد سكان المدينة 5 ملايين يهودي، مع تقليص نسبة العرب إلى أقل من 10% من السكان، واستهداف المؤسسات يندرج ضمن هذا الإطار.
من ناحيته، استنكر رئيس مجلس إدارة صندوق ووقفية القدس، منيب رشيد المصري، قرار بن غفير، القاضي بإغلاق مكاتب الصندوق، واصفًا الخطوة بأنها "مخالفة للقوانين والأنظمة" و"عارية من أي مبرر قانوني أو إنساني".
وقال المصري في تصريح صحفي له اليوم، إن صندوق ووقفية القدس هو مؤسسة خيرية، تنموية، وإنسانية، تعمل في المجالات الإغاثية والتعليمية والاقتصادية، ولا يمارس أي نشاط سياسي.
وأضاف: "ان قرار بن غفير باطل وغير مشروع، ويعكس سياسة تعسفية من سلطة الاحتلال تهدف إلى التضييق على أبناء القدس، وتقويض الجهود الإنسانية الرامية إلى تمكينهم اجتماعيًّا واقتصاديًّا".
وشدد على أن المؤسسة ستواصل، ضمن الإمكانات المتاحة، تنفيذ رسالتها في دعم المدينة المقدسة، وتقديم المشاريع العاجلة والمستدامة التي تحفظ هوية المدينة وتصون كرامة سكانها.
وشدد على أن محاولات التضييق لن تثني الصندوق عن أداء واجبه الوطني والإنساني.
في 19 شباط/ فبراير الماضي، أقرّت الهيئة العامة للكنيست الإسرائيلية بالقراءة التمهيدية مشروع قانون يقيّد أكثر نشاط السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير وحركة التحرير الوطني "فتح" في المناطق الواقعة تحت ما تسمّى "السيادة الإسرائيلية"، والمقصود هنا مدينة القدس الشرقية المحتلّة، وما أُرفق لها من بلدات ومخيمات، بعد احتلال عام 1967.
ومنذ عام 2001، أغلق الاحتلال ما يزيد عن 40 مؤسسة فلسطينية في مدينة القدس، أبرزها: بيت الشرق، واتحاد الغرف التجارية، والغرفة التجارية الصناعية العربية، ونادي الأسير، وجمعية الدراسات العربية، والمجلس الأعلى للسياحة، والهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون وغيرها، ضمن سياسة تهدف إلى حرمان أبناء شعبنا في القدس من حقهم في الخدمات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
وتضاف سياسة إغلاق المؤسسات الفلسطينية في القدس إلى جملة من الانتهاكات التي تشمل الاستيلاء على الأراضي وبناء المستعمرات وهدم المنازل وسحب الهويات وإغلاق المدينة بالحواجز العسكرية وجدار الفصل والتوسع العنصري وعزلها عن محيطها الفلسطيني، في إطار محاولات الاحتلال لتهويدها وتهجير المواطنين الفلسطينيين منها وضمه.
ــــــــــ
ب.غ