غزة 22-4-2025 وفا- محمد دهمان
خلال حرب الإبادة والعدوان الإسرائيلي المتواصل على فلسطين منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، دعا البابا الراحل فرنسيس في العديد من المناسبات واللقاءات، لوقف الحرب والسماح بوصول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وأن تتمتع المستشفيات والمدارس وأماكن العبادة بكل الحماية اللازمة، إضافة إلى موقفه الداعم لتحقيق السلام العادل في فلسطين على أساس حل الدولتين.
وفي آخر إطلالة له من على شرفة كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان في "أحد القيامة"، وجه البابا فرنسيس عدة رسائل للعالم في عظته التي تلاها أحد معاونيه، وقال فيها إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة "تولد الموت والدمار"، وتسبب وضعا إنسانيا "مروعا ومشينا"، مجددا الدعوة لـ"وقف إطلاق النار وتقديم المساعدة للشعب الذي يتضوّر جوعا ويتوق إلى مستقبل يسوده السلام"، في إشارة للشعب الفلسطيني.
وحرص البابا فرنسيس على التواصل عدة مرات في الأسبوع عبر تقنية الاتصال المرئي مع راعي كنيسة العائلة المقدسة للاتين في غزة الأب جبرائيل رومانيلي ومساعده الأب يوسف أسعد، والراهبات وأبناء الكنيسة الذين لجأوا إليها منذ بدء الحرب، للاطمئنان عليهم وعلى أبناء شعبنا كافة في القطاع ومواساتهم في ظل المعاناة التي يعيشونها.
ويستذكر الأب رومانيلي الاتصال الأخير الذي تلقاه من البابا فرنسيس يوم السبت الماضي، خلال إحياء الكنيسة لـ"سبت النور" وقداس العشية الفصحية.
ويقول الأب رومانيلي لـ"وفا" إن "قداسة البابا كان حريصا على الاطمئنان عن النازحين في الكنيسة، ومواساة الشعب الفلسطيني، والتعبير عن ألمه وألم الكنيسة جمعاء ووقوفها إلى جانب المتألمين الذين يتعرضون للقتل والحصار".
ويضيف عقب ترؤسه قداسا وصلاة لراحة نفس البابا فرنسيس: "لم يكن مجرد راعٍ للكنيسة، بل كان أبًا حقيقيًا لكل المتألمين، وصوتًا شجاعًا ينادي بالرحمة في وجه القسوة. كانت غزة في صلاته دوما، ووقف إلى جانب الشعب الفلسطيني في محنته… واليوم، نودعه بصلاةٍ خافتة، تشبه وجع هذا الشعب، وتلامس قلبه".
ويشير الأب رومانيلي إلى أنه فور إعلان الفاتيكان عن وفاة البابا فرنسيس، حضر إلى الكنيسة عشرات المواطنين رغم القصف الإسرائيلي والظروف الصعبة التي يشهدها القطاع، وذلك للتعبير عن حزنهم العميق لرحيله، وتقديم العزاء.
وفي أبرز مواقفه وتصريحاته بشأن حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، قال البابا فرنسيس فور مغادرته مستشفى غيميلي في روما في 23 آذار/ مارس الماضي، بعد تلقي العلاج على مدار خمسة أسابيع إثر معاناة مع التهاب رئوي، "يحزنني استئناف القصف الإسرائيلي العنيف على قطاع غزة، والذي يؤدي إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى. إنني أطالب بوقف فوري لإطلاق النار، وبالتحلي بالشجاعة لاستئناف الحوار، حتى يتم إطلاق سراح جميع الرهائن، والتوصل إلى وقف نهائي لإطلاق النار"، مشددا على خطورة الوضع الإنساني في قطاع غزة.
وفي كانون الثاني/ يناير الماضي، قال البابا فرنسيس في لقاء تلفزيوني، إن الحل الوحيد للصراع الإسرائيلي الفلسطيني يتمثل في نموذج "شعبين ودولتين". وأضاف أن حل الدولتين يمثل "الخيار الوحيد الممكن"، قائلاً: "هناك إمكانية، وأعتقد أنها الحل الوحيد".
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، اقترح البابا فرنسيس أن "يدرس المجتمع الدولي ما إذا كانت العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة تشكل إبادة جماعية للشعب الفلسطيني".
وقال في كتاب نقلت مقتطفاته صحيفة "لا ستامبا" الإيطالية اليومية، إن بعض الخبراء الدوليين يقولون "إن ما يحدث في غزة فيه خصائص الإبادة الجماعية"، مضيفا: "يجب أن نحقق بعناية لتقييم ما إذا كان هذا يتناسب مع التعريف الفني (للإبادة الجماعية) الذي صاغه خبراء القانون والمنظمات الدولية".
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، انتقد قتل الأطفال الفلسطينيين في غارات الاحتلال الإسرائيلي على غزة.
وكان رئيس دولة فلسطين محمود عباس قد اجتمع مع البابا فرنسيس في حاضرة الفاتيكان، في 12 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وشكره على مواقفه الداعمة لتحقيق السلام العادل في فلسطين على أساس حل الدولتين ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وسبق هذا الاجتماع، عدة اتصالات هاتفية وبرقيات متبادلة بين الرئيس والبابا، في إطار جهود سيادته المتواصلة لوقف العدوان على شعبنا.
وكان الرئيس عباس قد عزى بوفاة البابا فرنسيس، وقرر تنكيس الأعلام على المقرات والمؤسسات الرسمية لمدة ثلاثة أيام اعتبارا من اليوم الثلاثاء، حدادا على وفاته.
وقال سيادته، فقدنا اليوم صديقا مخلصا للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، ومدافعا قويا عن قيم السلام والمحبة والإيمان في العالم أجمع، وصديقا حقيقيا للسلام والعدالة.
وأضاف الرئيس، نقدم تعازينا الحارة إلى حاضرة الفاتيكان، وإلى المؤمنين في العالم أجمع بهذه الخسارة الكبيرة التي تمثلها وفاة البابا فرنسيس، الذي كان رمزا للتسامح والمحبة والأخوة.
ــــ
م.د/ ع.ف