تيرانا (ألبانيا) 26-4-2023 وفا- الطقوس هي ذاتها دائما.. يتوضأ ماريو بروشي قبل أن يتناول واحدة من أصغر نسخ القرآن الكريم في العالم، ويقبّلها. على مدى أجيال، تم تناقل هذه النسخة وهي بحجم الطوابع البريدية، في عائلة بروشي في ألبانيا.
إنه واحد من أصغر المصاحف المسجلة، ويبلغ عرضه سنتيمترين فقط وسمكه سنتيمتر واحد، ولا يمكن قراءته إلا بعدسة مكبّرة صغيرة مدمجة في علبته.
وقال بروشي (45 عاما) في منزله في العاصمة تيرانا "لقد احتفظنا بها من جيل الى جيل بتفانٍ مطلق".
ووفقًا لإلتون كاراج، الباحث في الدراسات القرآنية بجامعة بيدر في تيرانا، فإن النسخة المكونة من 900 صفحة موجودة منذ القرن التاسع عشر على الأقل.
وقال "هذا المصحف طبع بحجم صغير جداً، وهو من أصغر المصاحف في العالم، يعود تاريخ نشره إلى نهاية القرن التاسع عشر. إنه عمل غير عادي وذو قيمة كبيرة، ومن حسن الحظ أن هذه النسخة في ألبانيا".
الحجم الصغير ليس الشيء الوحيد الرائع في القرآن، فهو مسؤول أيضًا عن تحوّل عائلة بروشي من الكاثوليكية إلى الإسلام.
وقال بروشي: "كان أجداد أجدادي يحفرون الأرض لبناء منزل جديد في منطقة "دياكوفيتشا" في كوسوفو عندما عثروا على جثة محفوظة بشكل كامل لرجل مدفون هناك. ووجدوا القرآن سليماً ملقى على صدره".
اتخذت الأسرة المسيحية هذا الاكتشاف علامة إلهية واعتنقت الإسلام.
جدّ ماريو كان ضابطاً في جيش ملك ألبانيا في ثلاثينيات القرن الماضي، وكان يعرف اللغة العربية وكان يدعو أصدقاءه إلى منزله كل ليلة لقراءة آيات من القرآن الكريم.
بعد سنوات، في ظل الحقبة الشيوعية وحظر جميع أشكال الأديان، نجت نسخة القرآن لأنه كان من السهل إخفاؤها.
وقال بروشي: وشى شخص ما للشرطة السرية بأن لدينا مصحف في منزلنا، لكنه كان صغيرًا لدرجة أن والدي تمكّن من إخفائه، وفشلت الشرطة في العثور عليه.
بعد هذه الحادثة، قرر إسكندر والد بروشي، أن يعهد بالمصحف إلى أصدقاء في كوسوفو المجاورة، بعد تهريبه عبر الحدود مخبأ في شاحنة محمّلة بالفحم، واستعاده بعد الحرب في كوسوفو في العام 1999، حيث كان مدفوناً لإنقاذه من المعارك، ثم ورث بروشي القرآن قبل وقت قصير من وفاة والده في العام 2012.
قال بروشي: "هذا الكتاب الصغير يحمل الكثير من القصص والبركات والمعجزات. إنه عزيز جدًا بالنسبة لي".
وقالت زوجته بليرينا "في كل مرة ألمسه أتأثر".
وأضافت "عندما يحدث أمرٌ ما أو عندما تمرض ابنتنا نشعر بالطمأنينة ونعلم أن القرآن سيحمينا، إنه تعويذة حقيقية".
تلقت الأسرة العديد من العروض لشراء النسخة الصغيرة من القرآن الكريم، بما في ذلك من المتاحف. لكن بروشي لا يفكر أبدًا في بيعه، وقال "هذا القرآن لعائلتنا وسيبقى معنا دائماً".
