نابلس 9-9-2025 وفا– بدوية السامري
مع بزوغ صباح اليوم، بدا مشتل الجنيدي غرب نابلس رمادًا محفورا بأقدام رجال الدفاع المدني وخطوط المياه التي لم تفلح في إعادة النظام بعد الفوضى، عقب إقدام مستعمرين مساء أمس الاثنين على إضرام النيران فيه ضمن اعتداءاتهم المتصاعدة في المحافظة.
وبدلاً من أن يستيقظ المشتل على أصوات العاملين، استيقظ على زيارات المسؤولين لتفقد الخسائر الناجمة عن الحريق.
وقال أحد أصحاب المشتل، ماهر الجنيدي، لوكالة "وفا": لم تكن النيران التي أشعلها المستعمرون وحدها عدونا، بل الوقت أيضًا، إذ تأخرت طواقم الدفاع المدني والإطفاء أكثر من 40 دقيقة بسبب عرقلة الحواجز الاحتلالية، ما سمح للنار بالتمدد أكثر فأكثر".
وقدّر الجنيدي الخسائر المنظورة بنحو مليوني شيقل، موضحًا أن النيران التهمت المكاتب والمخازن التي تضم بذورًا يصل سعر الكيلو الواحد منها إلى 400 ألف شيقل، إضافة إلى الأغطية البلاستيكية والأسمدة والمبيدات.
وأضاف أن المشتل الذي تأسس عام 1987 ونُقل إلى غرب دير شرف عام 1994، يُشغّل حاليًا 25 عاملًا، ويُعد من أكبر الشركات في مجال التوريدات الزراعية وإنتاج الأشتال في فلسطين، إذ ينتج سنويًا نحو 1.7 مليون شتلة من الأزهار، إلى جانب 1200 شتلة من الأشجار المثمرة، إضافة إلى إدخال أصناف جديدة من الزيتون واللوزيات مؤخرًا.
وتابع: "لم يكن هدفنا في المشتل ماديًا فقط، بل أساسًا علميًا ومهنيًا، لدعم المزارع الفلسطيني وتوعيته بأهمية التمسك بأرضه". وأكد أن العمل سيُستأنف داخل المشتل صباح غد الأربعاء، "لأننا مسؤولون عن عائلات صغيرة تعتمد على أجورها اليومية، وباعة ينتظرون توريداتهم. هي سلسلة كاملة قُطعت بضربة نار واحدة، ولا يمكن أن يبقى انقطاعها".
من جانبه، أفاد الهلال الأحمر الفلسطيني بأن طواقمه تعاملت مع 3 إصابات بالحروق نتيجة الحريق، وهي مسن (60 عامًا) أصيب بحروق في اليد والوجه، وشاب (27 عامًا) أصيب بحروق في اليد، وآخر (25 عامًا) أصيب بحروق في الصدر والوجه.
وأشار إلى أن قوات الاحتلال عرقلت مرور مركبات الإسعاف عبر حاجز دير شرف غرب نابلس، ما أخّر وصولها لتقديم العلاج للمصابين.
وزار محافظ نابلس، غسان دغلس، الجرحى صباح اليوم في المستشفى، وأدان ما أقدم عليه المستعمرون من إحراق المشتل واعتداءاتهم المستمرة في المحافظة، فيما طالب مواطنون بتوفير الحماية للمزارعين ومحاسبة المعتدين، وتعزيز لجان الحراسة المجتمعية، وتوثيق الانتهاكات لتقديمها إلى الجهات الحقوقية.
وأكد مسؤولون أن إحراق مشتل الجنيدي يمثل اعتداءً خطيرًا على القطاع الزراعي والدخل المحلي والبيئة في غرب نابلس، داعين إلى استجابة عاجلة لإغاثة المتضررين، إلى جانب اتخاذ تدابير وقائية وقانونية طويلة الأمد للحد من تكرار هذه الاعتداءات وحماية الأمن المعيشي للمزارعين.
يُذكر أن الاعتداءات على الممتلكات المدنية والأراضي الزراعية تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، وخاصة مبدأ حماية الممتلكات المدنية.
وكان المستعمرون قد نفذوا مساء أمس وفجر اليوم اعتداءات أخرى في محافظة نابلس، شملت إحراق أراضٍ مزروعة بأشجار الزيتون في قرية يتما جنوب المدينة، وقطع أشجار زيتون في عقربا، وتحطيم مركبات في جوريش، فضلًا عن مهاجمة مركبات المواطنين جنوبا والتسبب في أضرار فيها.
ــــــــــ
ب.أ/ ف.ع