رام الله 10-8-2025 وفا- رامي سمارة
"سنرحل ليس لأننا عثرنا على مساحات أرحب أو مراع أنسب أو مصادر مياه لا تنضب، بل مكرهين خشية أن تزهق أرواحنا على يد المستعمرين، الآخذة اعتداءاتهم بالتصاعد كما ونوعا".
يقول عبد الله الجهالين، من تجمع عرب الجهالين، في منطقة عين أيوب قرب قرية دير عمار، غرب رام الله، بينما ينشغل مع ذويه في تفكيك بيوتهم وحزم امتعتهم، إيذانا بالرحيل عن المنطقة.
ويضيف أن 13 عائلة مؤلفة من 130 فرداً لم تجد سوى الرحيل بُداً عن التجمع القائم منذ أكثر من 40 عاما، بعد أن أوصلتهم اعتداءات المستعمرين الإرهابية وتهديداتهم إلى وضع ميؤوس منه.
معاناة السكان بدأت منذ نحو 25 يوماً، حين شرعت آليات المستعمرين تشق طريقاً بمحاذاة التجمع يصل إلى جبل مقابل، أنشئت بؤرة على قمته منذ 12 يوما، يقيم فيها مستعمرون وقطيع أبقار.
ويوضح الجهالين: "تلقينا خلال تلك الفترة 3 تهديدات علنية لإجبارنا على الرحيل، كان آخرها أمس الأول حيث أمهلنا المستعمرون 24 ساعة للإخلاء، وكان ذلك بحضور قوة من جيش الاحتلال".
ولم تكن التهديدات وحدها ما دفع العائلات لاتخاذ قرار الرحيل، فأحد المستعمرين كان يهبط من البؤرة إلى التجمع، وأصبح يتواجد بشكل دائم بين المنازل بداعي رعي أبقاره في المكان.
ليس ذلك فحسب وفقاً لعبد الله الجهالين، بل أصبح المستعمرون يغلقون الطريق الواصلة إلى التجمع، ويقطعون إمدادات المياه عنه ويمنعون الرعي في محيطه.
ويصف الجهالين قرار العائلات إخلاء التجمع بعد أربعة عقود بالمرير، إلا أنه لم يكن باليد حيلة، فتحت وطأة التهديدات أصبح الرجال لا يبرحون التجمع، وتركوا أعمالهم وتخلوا عن مشاويرهم حتى الضرورية والقريبة منها، لحراسة أسرهم وأملاكهم من أي هجمة غادرة.
وعصر أمس، شن المستعمرون هجوماً على تجمع عرب الجهالين، أحرقوا خلاله منزلاً بعد أن رصدوا عبر طائرة مسيرة معدة للتصوير أن الأهالي يتعاونون في موقع آخر على تفكيك منشآت استعداداً للرحيل.
لا وجهة واضحة بعد للكثير من العائلات التي ستغادر، والواضح كما يقول عبد الله الجهالين، إن حياتهم ستتغير كثيراً بعد الرحيل على مختلف الصعد، وفي أبسطها تفكيك وحدة الدم التي تجمع أبناء التجمع، وهم من الأخوة وأبناء العمومة، فكل أسرة ستذهب في وجهة.
ولا يقع الضرر الناجم عن إقامة بؤرة استعمارية وشق طريق لها في منطقة عين أيوب بقرية دير عمار، على العائلات البدوية، حيث فقد العشرات من أهالي القرية مئات الدونمات من أراضيهم الزراعية، أو فقدوا في أفضل حال حق الوصول إليها.
علي سميح عثمان، يملك في محيط البؤرة 14.5 دونم، وأرضاً مزروعة ب200 شجرة زيتون، وقام قبل 4 أشهر بشراء 5 دونمات واستصلحها، وكلها أصبح ممنوع عليه الاقتراب منها.
يقول عثمان: "كلما نحاول الاقتراب لزيارة الأرض أو جني الثمار منها يهاجمنا أحد المستعمرين، ويجبرنا على المغادرة تحت تهديد السلاح".
ويضيف أن عائلته فقدت حقها بما يزيد على 100 دونم شرق دير عمار وغربها، تم الاستيلاء عليها بفعل أعمال التوسع الاستيطاني القائمة حالياً.
ويوضح رئيس مجلس قروي دير عمار علي بدحة، أن أهالي القرية لم يبق لهم سوى أراضي تكفي للسكن، على مساحة تقل عن نصف المساحة الأصلية للقرية.
ويضيف أن مساحة دير عمار تقدر بـ 7500 دونم تقريباً، تم الاستيلاء على جزء منها لصالح مستعمرة "نعلة"، وجزء آخر ذهب لصالح الشارع الاستعماري الذي يجري شقه حالياً، وآلاف الدونمات تم الاستيلاء عليها لإقامة البؤرة الاستعمارية الجديدة.
وبين بدحة أن التجمع المقام في منطقة عين أيوب غرب البلدة منذ عشرات السنين، تم تثبيته على الخرائط باسم عرب الجهالين، والبدو كانوا يقيمون فيه بموافقة من أصحاب الأرض.
وأكد أن تهجير عائلات التجمع سيفرغ الأرض من الوجود الفلسطيني الدائم فيها وسيزيد من أطماع المستعمرين فيها، وقال: "وجود البدو هنا هو عامل في المحافظة على الأرض".
وبحسب تقرير لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان، صدر مطلع اب / اغسطس الجاري، فإن إرهاب المستعمرين وفرض البيئة القهرية الطاردة التي تتم برعاية ممنهجة من المؤسسة الرسمية في دولة الاحتلال، ادت لترحيل 33 تجمعاً بدوياً منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
ــــــــــ
ر.س/ ف.ع