أهم الاخبار
الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 07/08/2025 01:07 م

"سبسطية" تواجه تهديدا وجوديا

 

نابلس 7-8-2025 وفــا- بدوية السامري

تعاني بلدة سبسطية شمال غرب نابلس من سياسة ممنهجة لضم الأراضي والاستيطان، تحت ذرائع واهية، ما يشكل تهديدا وجوديا لمستقبلها وأهلها وعلى الإرث الحضاري الفلسطيني.

قبل يومين، ألصقت قوات الاحتلال الإسرائيلي نسخا عن "قرار" تحويل مساحات من أراضي البلدة لتصبح "موقعا أثريا اسرائيليا"، على أعمدة القرية.

وحسب رئيس بلدية سبسطية محمد عازم، فقد تفاجأ مواطنو البلدة قبل يومين بإلصاق "قرار" لتحويل مساحات من أراضي البلدة التي تعد من أقدم وأهم المواقع الأثرية والتاريخية في الضفة الغربية، لتصبح "موقعا أثريا اسرائيليا"، وسط صمت دولي.

وكان عضو "الكنيست" عن "الليكود" عميت هاليفي قدم في تموز/يوليو 2024، مشروع قانون "لضم الآثار في الضفة إلى سلطة الآثار الإسرائيلية"، وأحيل إلى "لجنة التعليم والثقافة"، وارتكز على مزاعم تاريخية ملفقة.

وأدانت بلدية سبسطية القرار الصادر عن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، والذي يقضي بتحويل 1775 دونمًا من أراضي البلدة، أي نحو ثلث مساحتها، في خطوة تُعد استكمالًا لمخطط تهويد البلدة وطمس هويتها الوطنية والثقافية، وذلك في إطار ما يُعرف بمشروع “حديقة السامرة” الاستيطاني، مؤكدة رفضها القاطع لهذا القرار الذي يستهدف قلب سبسطية التاريخية، ويشكّل اعتداءً مباشرا على حقوق أهالي البلدة، وعلى إرثها الحضاري الممتد لآلاف السنين.

وقال عازم إن "هذا القرار الجائر لا يشكّل فقط انتهاكًا صارخًا لحقوق المواطنين في ملكيتهم لأراضيهم الزراعية والسكنية، بل يمثل أيضًا خرقًا فاضحًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات حماية التراث الثقافي، سيما اتفاقية لاهاي لعام 1954 واتفاقية اليونسكو لعام 1972، التي تؤكد على احترام حقوق الشعوب الأصلية في صون وإدارة تراثها التاريخي والثقافي".

وحذر عازم من التبعات الخطيرة للقرار، والتي تشمل منع المواطنين من الوصول إلى أراضيهم، وحرمانهم من الزراعة والبناء، أو أي نشاط اقتصادي أو سياحي، ما يهدد بتجفيف مصادر رزقهم ودفعهم قسرا نحو الهجرة والتهجير القسري.

وقال إن الأراضي المستهدفة بهذا القرار تشكل الرئة الزراعية والاقتصادية لبلدة سبسطية، وتعتمد عليها عشرات العائلات في معيشتها، واستهدافها هو استهداف مباشر لمصدر رزقها ووجودها على الأرض.

ودعا عازم لتدخل دولي عاجل، وخاصة من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)، ومؤسسات حماية التراث العالمية، لوقف هذا الانتهاك الصارخ، ومساءلة دولة الاحتلال عن سياساتها الاستعمارية التي تستهدف الوجود الثقافي الفلسطيني.

كما طالب عازم باتخاذ خطوات عملية عاجلة لتعزيز صمود البلدة وسكانها، ومواجهة هذا المخطط الخطير الذي يسعى لتزييف التاريخ، وسرقة الرواية، والوقوف مع البلدة في هذه اللحظات المفصلية، دفاعًا عن الحق والعدالة، وحمايةً للإرث الإنساني من التزوير، وصونًا لهوية فلسطين الثقافية والتاريخية.

بدوره، قال مدير السياحة والآثار في نابلس ضرغام الفارس لـ"وفا" بأن عملية الترسيم للمنطقة وإعلانها منطقة أثرية تابعة للاحتلال، هي الأخطر على الإطلاق، وبذلك ستخضع للاحتلال وقوانينه ما سيخلق مشاكل ومعيقات لدخول المواطنين إلى أراضيهم، وإخضاعهم لقوانين الاحتلال.

وأضاف الفارس بأن منطقة المسعودية أيضا تتعرض لذات المخطط، بقرار اعتبار محطة قطار المسعودية أيضا "موقعا أثريا إسرائيليا"، حيث قامت سلطات الاحتلال، بإلصاق القرار في أماكن عدة في المنطقة خلال الأسبوع الجاري.

وأشار الفارس بأن المجلس الاستشاري للسياحة والآثار في نابلس سيقوم بمتابعة الأمر، ودراسة الأثر على الأرض، وموقف القانون الدولي في هذا الاجراء، وسيقوم بالتحرك اللازم، والتواصل مع جهات دولية لوقف ذلك.

وشهدت سبسطية على مدار القرن الماضي مربعا للحفريات الأثرية التي دشنها علماء الآثار الغربيون قبل أكثر من قرن، كما شهدت الفترة الماضية ضغطا كبيرا من قبل "مجلس المستوطنات" في وضع برنامج اقتحامات بشكل منظم للمواقع الأثرية في البلدة، والتي تكررت بشكل يومي، بحماية من قوات الاحتلال، وأدت إلى تراجع أعداد الزوار بشكل كبير، ما أثّر بشكل مباشر على دخل عشرات العائلات التي تعتمد على السياحة، من أصحاب المطاعم والمتاجر إلى المرشدين السياحيين الذين باتوا دون عمل، وفق ما يؤكده أهالي القرية.

وتمتاز بلدة سبسطية بانتشار الآثار فيها، ففيها شارع الأعمدة، ومقام ومسجد النبي يحيى، بالإضافة إلى الأسقفية الرومانية، ومسارح أثرية، والمحكمة، والمدرج الروماني، ومقبرة ملكية تعود للحقبة الرومانية، والبرج اليوناني الوحيد بفلسطين، وتواجه اليوم أخطر سياسات التهويد، لتحقيق أطماع الاحتلال ومستعمريه في هذه البقعة التاريخية، وكان آخرها قرار تحويل جزء منها ليكون "موقعا أثريا اسرائيليا".

ـــــ

ب.أ/ي.ط

 

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا